سجل العديد والمتتبعين لورش المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بآسفي، العديد من الاختلال البنيوية، من خلال مشاريع لم تحقق المأمول، نتيجة الارتجال والعشوائية التي تطبع تعامل مصالح عمالة آسفي مع العديد من المشاريع التي التهمت عشرات الملايين، دون أن تحقق الجدوى المطلوبة، في وقت تتعالى الأصوات، بضرورة القيام بافتحاص مالي وإداري دقيقين لمالية المبادرة بآسفي، لوقف النزيف من جهة، وتقويم الاختلالات المتراكمة من جهة ثانية. وتشير مصادر مطلعة، إلى أنه إذا كانت خصوصية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كورش تنموي مفتوح، تتجلى في منطق المرونة الذي تعتمده، وفي الصلاحيات المعطاة للمصالح المحلية من خلال اللجن المكونة من ثلاثة أطياف، ممثلة في المنتخبين والجمعيات ومصالح الدولة، فإن هذه التركيبة، على الأقل بآسفي، لم تقدم أي مشاريع، ذات مردودية مهمة، وبناء على معطيات حقيقية ومضبوطة، بل على العكس من ذلك، قدمت مشاريع أقل ما يقال عنها أنها لم تغير من واقع المستفيدين شيئا، كبرامج تربية الماعز والأغنام، التي سجلت عدة اختلالات، على اعتبار أن ثمن اقتناء رؤوس الأغنام تم بمبالغ مالية كبيرة، تفوق الأثمان المتداولة في السوق المحلية، بالإضافة إلى غياب التأطير والتكوين اللازمين للفلاحين المستفيدين، ثم ضعف مردودية هذه المشاريع. وتشير المصادر ذاتها، إلى أن جمعيات أخرى استفادت من دعم المبادرة، رغم عدم استيفائها للمدة القانونية للاستفادة من مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، رغم أن هذه الاستفادة تجلت في آليات وتجهيزات، لا تشكل ضرورة قصوى لتحقيق التنمية، فضلا عن عدم اعتبار مبدأ استفادة الجماعات الأكثر هشاشة وفقرا، إذ أن عدة جماعات قروية يبلغ بها مؤشر الفقر والهشاشة نسبا مقلقة، لم تستفد بالشكل الأنسب بالمقارنة مع جماعات أخرى تعرف تدنيا في نسب الهشاشة. وتشير مصادرنا إلى نماذج من المشاريع الفاشلة، التي التهمت المال العام، دون تحقيق المبتغى منها مشروع سوق الخبز بشارع إدريس بن نصار بآسفي، والذي كلف بناؤه عشرات الملايين، ليبقى مجرد بناية مهجورة، تشهد على “عبقرية” القائمين على تدبير هذه المشاريع.
ويتذكر العديد من المتتبعين، أحد المشاريع التي تبنتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بعمالة آسفي، والمتعلقة بدكاكين عصرية بسوق “الحد” باليوسفية، إذ استفاد أشخاص من كبار تجار المنطقة، وقُدموا أمام الملك، كأحد الذين تعاني الهشاشة، دون أن تتحرك الجهات المعنية لفتح تحقيق في الموضوع. ويرجع فشل بعض المشاريع، حسب ناشطين جمعويين إلى السرعة في التصور والانجاز وعدم إعطاء مسألة التدبير الأهمية التي تستحق، وحمل مجموعة من المشاريع من طرف بعض الجمعيات الحديثة العهد والتي ينقص القائمين على شؤونها التكوين، بالإضافة إلى تكرار المشاريع وقلة الابتكار. ويشير أحد المهتمين بالموضوع، إلى أن النسيج الجمعوي، باعتباره شريكا أساسيا في هذه العملية التنموية، يعاني من عدة مشاكل تشكل عائقا أمام التنمية البشرية والتنمية المحلية، تتجلى في كثرة الجمعيات وتناسلها بشكل غريب، و صعوبة تكييف ما تحقق من مشاريع المبادرة مع حاجيات المؤشر الوطني للتنمية البشرية، كما أن تعدد المشاريع وتنوعها يصعب من مهمة قياسها كيفيا وبطريقة واضحة المعالم، سواء من حيث تأصيل المقاربة التشاركية، أو من حيث التأثير الإيجابي على مسارات إنتاج التنمية المحلية.
المصدر
0 التعليقات:
إرسال تعليق