ما الغرابة في ذلك انها بلدتي

عندما تطأ قدماي بلدتي بعد غياب أول ما يشدني هو هذا الجبل الذي لا يزال واقفا بشموخ و عزة رغم مآسي الزمن و غدر الأهل وتكالب شركات الاستغلال التي أحاطت به من كل جانب كما تحيط الذئاب بفريسة تمزق أطرافها وتنهش لحمها  فتأبى السقوط في أنفة وكبرياء ...غالبا ما أشعر بحنق شديد و بغضب بركاني يغلي في دواخلي و كأن هذا الجبل قطعة مني أو فلذة من كبدي قد تم تسليمه غدرا لأغراب كي يقطعوا أوصاله ,لكن ما الغرابة في ذلك  !!!؟؟؟ فهذه هي بلدتي بقرة حلوب لا تطعم إلا الغرباء فكثير من هم جاءوا إلى بلدتي ذات يوم و هم لا يملكون من متاع الدنيا غير معاطفهم و بعد سنين من المقام السعيد في بلدتي تغير حالهم فأصبحوا ملاكا لعقارات و أرصدة بنكية منفوخة , لقد جادت عليهم بلدتي و أهل بلدتي ...لو عاشوا في بلد آخر غير بلدتي لكانوا يعانون من دفع الأقساط الشهرية لسكناهم  و لكن لأن بلدتي و أهل بلدتي كأم معطاء إلا أنها  لا ترضع إلا الغريب و تمنع كل قريب فقد نفخت أرصدتهم كما نفخت بطونهم ,اللهم لا حسد لكنه واقع صعب التحليل حتى على جهابذة الفكر الإنساني ...و ما الغرابة في ذلك !!!؟؟؟  إنها بلدتي فمكتب مجلسها مكون من حزب وفي المقابل  تجد معارضين من نفس الحزب فيما يشبه الانفصام السياسي الذي لا مثيل له !! و في بلدتي هناك من المستشارين من يختفي من تدبير الشأن العام بمحض إرادته من أجل حفنة دراهم في صفقات بيع للضمائر أقل ما يقال عنها أنها في غاية الخسة و النذالة ...و ما الغرابة في ذلك!!!؟؟؟  إنها بلدتي  أضحت تعج بالوصوليين و الانتهازيين أناس تتعجب لمروءتهم و لكرامتهم فهم يحافظون على ابتسامتهم حتى لو بصقت في وجوههم !!!  عجبا فهم يحافظون على برودة أعصابهم في درجة حرارة قد توازي أحيانا الأربعين... و ما الغرابة في ذلك !!!؟؟؟  إنها بلدتي فالمحال فيها قد يصير ممكنا فمفسدوها لصوص بارعون ليسوا كغيرهم أناس ثعالب يجيدون أكل الثوم بأفواه الآخرين يسرقوا دون أن يتركوا أثرا يدل عليهم حتى أغاثا كريستي ملكة رواية الجريمة لن تضاهي حرصهم و براعتهم في تنفيذ مخططاتهم ....
و ما الغرابة في ذلك !!!؟؟؟  إنها بلدتي  أهلها قادمون من زمن موبوء سيف القهر مسلط على رقابهم و جلاديهم لا يحملون في قلوبهم ذرة رحمة يمتصون دمائهم و يتاجرون بمعاناتهم لن نستثني أحدا فكل من سرق و نهب مليما واحدا من بلدتي و أهل بلدتي ليس سوى واحدا من خفافيش الظلام التي تعيش على الدماء ...
شارك على جوجل بلس

عن بوابة ايغود

1 التعليقات: