المقاربة التشاركية في التدبير المحلي : " جماعة إيغود نموذجا "

لتفعيل المقاربة التشاركية في العملية التنموية بالجماعات الحضرية و القروية  أقر المشرع المغربي في الميثاق الجماعي المعدل مجموعة من النصوص التي تعزز الترسانة القانونية للعملية التنموية و تعطيها صفة تمثيلية تشاركية بين العديد من الفاعلين الاساسيين من داخل هذه الجماعات و من خارجها على السواء  لإنجاح المخطط التنموي الذي استوجب الميثاق الجماعي إحداثه من طرف المجالس المحلية كآلية و إطار للعملية التنموية حيث أقر في المادة 36 " على أن المجالس المحلية لا بد لها من وضع مخطط جماعي للتنمية ،الذي يعد حسب ما جاء في دليل المنتخب الذي أصدرته المديرية العامة للجماعات المحلية هو" آلية تشاوريه تسعى إلى دفع الفاعلين المحليين إلى تحديد أهدافهم التنموية التي يتطلب تنفيذها تعبئة الموارد المحلية أولا ، ثم موارد الشركاء ثانيا " وهو "تخطيط استراتيجي ، لان الأهداف المسطرة نابعة من القرار السياسي المحلي الذي يتخذ خيارات ذات طبيعة هيكلية ترهن مستقبل الجماعة و تحدد السبل الواجب إتباعها و الوسائل الواجب إعمالها, خلال  ست سنوات كأقصى تقدير كي يحقق المخطط التنموي أهذافه  .
إن أهم ماجاء به الميثاق الجماعي هو المقاربة التشاركية بين المجالس المحلية و جمعيات المجتمع المدني كقوة إقتراحية و مرجع أساسي للإستشارة و إبداء الرأي  لبلورة مخطط تنموي فعال و ناجح  يرسم أهذافه وفق الحاجيات الأساسية كالتشغيل و تجديد البنى التحتية و محاربة الأمية و الصحة و التعليم و بناء المساجد و دور الشباب الى غير ذلك من الإحتياجات المحلية التي تمكن الساكنة من تحسين مستواهم المعيشي هذا دون إغفال المقاربة البيئية التي تحترم شروط التنمية المستدامة من خلال ضمان حسن استغلال الموارد الطبيعية بشكل يضمن للأجيال القادمة حقهم في الموارد الطبيعية  و يحفظ للمواطنين حقهم الدستوري في صحة جيدة .
بإيجاز هذه هي  الخطوط العريضة للإطار القانوني  للمخطط التنموي  في الميثاق الجماعي كان لابد من تدبيجها في هذا المقال كي تكون مرجعا أساسيا في تقييمنا للمخطط التنموي لجماعة إيغود  و نقف على مدى إلتزام المجلس المحلي بهذه النصوص من عدمه .
بجرد بسيط لكل ما تم القيام به في جماعة ايغود خلال هذه الفترة الإنتخابية و بسؤال أبسط للفاعلين الجموعيين بإيغود و المواطنين على حد السواء  فإننا نصطدم بمعطيات تعكس واقعا بعيدا كل البعد عن الحد الأدنى من  التطبيق لهذه القوانين و أهم ما يمكن رصده من إختلال في هذا الصدد هو إنتفاء أي مقاربة تشاركية في وضع المخطط التنموي للجماعة  هذا إذا كان هناك مخططا تنمويا قد جرى وضعه بالفعل, فالمجلس المحلي وهو يشارف على نهاية مدته الإنتخابية إن كان قد وضع مخططا تنمويا مع بداية إشتغاله فإنه يكون بذلك قد إستفرد بالقرار متغاضيا على نص قانوني و مبدأ أساسي في التدبير الديمقراطي للشأن المحلي ألا و هو إشراك فعاليات المجتمع المدني في صياغة هذا المخطط و هذه مصيبة و أما إذا لم يقم بصياغة أي مخطط تنموي فهذه مصيبة أكبر تبين بشكل لا لبس فيه مدى الإرتجالية و العشوائية التي يتسم بها إشتغال الرئيس المنتخب و المجلس المحلي من ورائه  .
على أرض الواقع لا شيء مما قام به المجلس المحلي لإيغود يمكن تثمينه و إعتباره عملا تنمويا يمكن ان يعود على الساكنة بالنفع ,بل إن مجلس جماعة إيغود و هو يتأهب للمغادرة على بعد شهور قرر أن يدق آخر مسمار في نعش ساكنة تعاني أصلا من الفقر و التهميش و العزلة فكان ان أشّر للشركة العامة المغربية للأشغال SGTM  بإحداث مقلع جديد للأحجار بجبل إيغود غير بعيد على التمركز السكاني للجماعة بما يحويه من مؤسسات تعليمية و ساكنة أضحت تعيش كارثة بيئية و صحية  حقيقية لما يشكله الغبار الذي يحدثه الإستغلال المفرط للشركة دون العمل بمعايير البيئة  و سلامة المحيط البشري التي تعتبر شرطا أساسيا عند إستحداث أي مقلع جديد ,بل إن الأدهى و الأمر هو تغاضي رئيس الجماعة القروية لإيغود عن مطلب تقدم به مجموعة من الأعضاء و المستشارين المكونين لمجلس الجماعة بهذف إنعقاد دورة إستثنائية يتم خلالها تدارس الوضع و الخروج بقرار يمكن من وضع حد لمعاناة الساكنة ,هذا التغاضي لا يمكن تفسيره سوى بتواطؤ الرئيس في القتل البطيء لمواطنين جعلوا منه رئيسا لمجلسهم القروي لأكثر من ولاية !!!!
 ما لا يمكن إغفاله في هذا التقرير هو المجهود الذي تقوم به جمعيات المجتمع المدني بإيغود رغم إنعدام إمكانياتها المادية و اللوجيستية و في غياب أي دعم من طرف الرئيس و مجلسه المحلي فهذه الجمعيات برفقة بعض الأعضاء الذين يعارضون سياسة الرئيس التهميشية و الإستفرادية  إستطاعت ان تؤطر وقفة سلمية إحتجاجية امام المقلع الذي تستغله الشركة العامة المغربية للأشغال إستجاب لهذه الوقفة المئات من الساكنة حيث عرفت إنزالا امنيا كثيفا مما دفع مالك الشركة المعنية الى القدوم لمحاورة ممثلين عن السكان و تقديم وعود بحل كل المشاكل  و على رأسها مشكلة الغبار في أجل لا يتعدى الشهر و الى حدود كتابة هذه السطور فإن تلك الوعود لازالت حبرا على ورق و المعاناة لازالت مستمرة و رئيس المجلس لازال غير آبه و لا معني.

عبد الله الحاضري

شارك على جوجل بلس

عن بوابة ايغود

0 التعليقات:

إرسال تعليق